بـقـلم: فــهــد التـمـيمـي
قبل عامٍ ونيف .. قلت على لسان العصفورة بأن الانتخابات سوف تتأجل لعام على الأقل.. وحينها شكك الكثير – وهذا ديدنهم – في المعلومات التي تعزز ما قلته، لتمضي الأيام ويتضح – مثل كل مرة – أن هنالك فرق بين من يمارس الصحافة كـ ”حرفة“ .. ومن تكون مجرد ”جلسة“ يتم فيها تغذية معلومات للبعض ليقوم في صباح اليوم الثاني بنشرها.. ولا خطيئة في ذلك .. فالناس قدرات .. فمنهم من يعشق ”أبوبكر سالم“ .. ومنهم من يطرب لسماع ”حسن شاكوش“ .. ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع.
لا علينا .. بعد هذا الفاصل الموسيقى نعود لمحور حديثنا؛ الانتخابات الذي ستقام في شهر أغسطس القادم، وهنا وجدت أن الاستراتيجية السائدة تشبه لحد كبير طريقة ”هجوم نابليون“ في الشطرنج، وللتبسيط على القارئ العزيز، فإن الاستراتيجية أو الطريقة تعتمد على تركيز الهجوم على المركز F7 أي الجندي الموجود أمام الملك مباشرة، وهذا ما يجعل المنافس تحت الضغط المستمر ويدفعه لارتكاب الأخطاء والتي كانت بدايتها تحريكه لذلك الجندي في ذلك الموقع. بمعنى آخر؛ خلق ضغط على المنافسين من تصرفاتهم الفردية؛ وبالتالي تشتيت تركيزهم طوال فترة المباراة.
هذا ما يحدث وسيستمر بالحدوث في انتخابات الاتحادات الرياضية؛ الأمر لا يشبه هذه المرة استراتيجية ”قطعة مقابل قطعة“ .. لأن الخيارات أصبحت أقل؛ فبعد التعديلات في الأنظمة الأساسية في الاتحادات – خطوة لطالما تمنيتها – أصبح من الضروري تغيير قواعد ”الاشتباك الانتخابي“ .. لا يكفي أن تقدم ”مرشحك“ وتضمن له الأصوات بطريقة ”خذ وهات“ .. الأمر بات مرهونا بمدى ”أهلية“ المترشح الأكاديمية والمعرفية والعملية وتراكم الخبرات؛ وهذا أوجد الحاجة لأسلوب ”هجوم نابليون“.
ما أراه الآن – وقد أكون مخطئا – أن البعض بدأ بالتشكيك في قدرات المنافسين بطريقة ”ناعمة“ كونه غير مستحق للترشح؛ حملة إعلامية من هنا؛ وتغريدات مستهجنة من هناك، وما بين الاثنتين تظهر أهمية أن لا ينساق الإعلام إلى طرف دون آخر؛ فللمرة المليون .. (هنالك بون واسع وفرق شاسع بين الإعلام والعلاقات العامة).. وعوضا عن التركيز على مصطلحات (الاحتكاك – كسب الخبرات – إعطاء الفرصة – بناء فريق للمستقبل) .. من المهم أن نركز على استراتيجية العمل؛ والتركيز على ”الانتاجية“ وما ينتجه مجلس الإدارة خلال فترة عمله. ليس من المنطقي أن نتحدث عن كسب الخبرات ومد جسور الصداقة في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.. هذا الأمر انتهى في تسعينيات القرن الماضي. ومن البديهي أن ننسى ”أولمبياد طوكيو“ ونركز على أولمبياد باريس 2024 .. نمتلك الوقت والأدوات؛ ما ينقصنا أن نفكر بنفس طريقة الاتحاد العماني للهوكي – تحديدا رئيسه – والمبنية على العمل وفق الامكانيات المتاحة والواقع وليس الافتراض، وقديما قيل: ”عصفور في اليد.. خير من ألف على الشجرة“.
المشهد الانتخابي سيشهد توازنا في المفرزات على مستوى مجالس الإدارات، يجمع الخبرات مع الشباب المتحمس، وفي نفس الوقت سيغلق الباب – ربما للأبد – على الكثير ممن لا يزال يرى في أن المناصب الرياضية مجرد فرصة للسفر والاستجمام، وفي نفس الوقت يجب الاعتراف بأنه سيحرمنا من عدد لا بأس به من الخبرات التي كان من المفترض أن يتم التفكير في الاستفادة منها.
وأنا أكتب هذه المقالة؛ جاءت ”العصفورة“ لتخبرني بأن هنالك توجه من البعض للانسحاب من تكتل لدعم ”مترشح“ يوصف بأنه ”قوي“ بعد أن تأهل المنتخب للمرحلة النهائية لتصفيات كأس العالم لكرة القدم. وهي مناسبة أجدها فرصة سانحة لتهنئة الاتحاد العماني لكرة القدم، وأهمس لهم ”جهراً“ .. (لديكم عمل أكبر ومجهودات أعظم لبذلها.. فأول الطريق خطوة ناجحة تساعد على تخطي عقبات الماضي).
عموما.. لا أعمل مدى فهمكم لما كتبت أعلاه، ولا أزال أبحث عن ”الرابط العجيب“ بين نابليون وكاسباروف والانتخابات.. فمن يجد التفسير المنطقي، عليه أن يقوم بتفسيره لي.. لأنني لم أجده حتى اللحظة.
يُحكى أنَّ
يُقال أن رجلاً قصد البيت الحرام، وما أن وصل هناك حتى ”أحدث“؛ فقام عليه المعتمرون فضربوه، حتى خلّصه أحد العُقلاء النُجباء، سائلاً إياه: ”ما الذي حملك على تلك الفعلة الشنعاء والمصيبة الخرقاء؟“ .. فقال: ”لكي يتم ذكري بين الناس مدى الدهر“.. وهذا ديدن البعض للأسف في أيامنا هذه، يهمه أن يلحق ”الترند“ أكثر من تبعات لحاقه بالسائد، وأن يتمتع ببريق ”الشهرة“ حتى على حساب المبادئ والقوانين والأخلاقيات .. طابت أوقاتكم